ليبيا الجديدة .. كرازيات
وملالي
د. عامر التواتي
كما هو الحال دائما يموت الناس من
اجل الحرية في ثورات ضد الظلم والاستبداد وتنتهي هذه الثورات باستيلاء الانتهازيين
على السلطة والغدر بالثورة وليبيا ليست استثناء من هذه الصيرورة الثورية . عندما
يتحدث انتهازيي فبراير ممن استولوا على
السلطة دون إن ينتخبهم احد ولا يعرف احد من أين جاءوا ولا من مكنهم من السلطة
الجديدة على أكتاف الجرحى ودماء من سقطوا دفاعا عن الحرية, عندما يتحدث هولاء عن
عدم وجود أسس أو بناء للدولة آو كما يطلقون عليه في خطابهم
( اللانظام), هو في الواقع محاولة
غبية ( ومع ذلك قد تنطلي أو هي بالفعل قد انطلت على الكثيرين) للاستخفاف بالليبيين
الذين كانوا يديرون شؤون الدولة وفي مختلف المجالات وتخدم هذه البسترة للتعريف
إغراض أخرى سنتناولها في سياق هذا المقال , عندما تستخدم كلمة النظام فهي عادة ما
ترتبط بمفهوم النظام السياسي لبلد ما
وتتجاهل أن النظام هو اشمل وأكثر تعقيد من هذا التعريف الذي يؤدي وظيفة واحدة وهي
وظيفة السلطة .أن المقصود بالنظام هنا هو ليس طريقة الحكم آو سلوك الحاكم , أنما
نقصد المنظومة آو الآليات التي كانت تقوم بتدوير عجلة المجتمع والدولة , كان هناك
المدرسة, والمصرف, والمستشفى, والمطار, والجمارك , وشرطي المرور , والجامعة والسجن
, والنيابة ,والتطعيمات ضد الأمراض , ووووووووووووو .كل هذه الأشياء وغيرها هي جزء
من نظام الدولة ومن نظام المجتمع ,ومحاولة
نفي وجودها بالرغم من ألاف المشاكل التي كانت تعاني منها هي في واقع الأمر محاولة
مفضوحة للتقليل من شأن الرجال والنساء الذين أداروا عجلة الدولة رغم كل العراقيل
التي كانت توضع أمامهم من قبل حكام البلد لأسباب متعددة , لم يكن ألقذافي ولا رجال
الخيمة من يقوم بتعليمنا في المدارس ومعالجتنا في المستشفيات والقضاء في منازعاتنا
إلى أخر شؤوننا , كيف تعلمنا نحن وانتم وآلاف غيرنا, فكثيرا ما يتباهى المسئولين
بان لدينا 3000 طبيب ببريطانيا فقط والسؤال هنا أين تعلم هولاء الطب أليس في ليبيا
بل أن وجودهم في الخارج يدعو للخجل وليس للتفاخر.
يتباهى الحكام الجدد ( المؤقتين حسب التعريفات
الجديدة) للبلد بقدرات مهندسي النفط الذين أعادوا الإنتاج لمستوى ما قبل الحرب,
وبالعمل الكبير الذي قام به رجال الكهرباء والماء وغيرهم لإعادة الخدمات للناس
.أذا ماذا يعني أن البلد لايوجد بها قدرات
ولا كفاءات ولا وطنيين خلال الأربعين عام الماضية ؟؟ أليست مجرد توظيف للحالة العاطفية التي تمر بها
البلد الآن وانتهازية سياسية رخيصة لخدمة إطراف
أخرى وهي التي تدير المسرح الليبي اليوم .
ينتابني أحساس بان هناك آمر مدبر
للتقليل والتشكيك في قدرات الليبيين الذين ظلوا في خدمة أهلهم خلال فترة حكم ألقذافي,
ومعظمهم كانوا بالخارج وتعلموا هناك وكان بإمكانهم آن يظلوا هناك لان الذين قرروا
الاستقرار في الخارج ليسوا أكثر كفاءة من هولاء. بل الأمر يتعدى مجرد الإحساس, ويصل إلى يقين ما بان هناك
وصايا على المجلس الانتقالي بتمكين ليبيي الخارج
من أدارة الدولة في المرحلة المؤقتة واعتقد أن الغرض من ذلك هو إيصال رسالة
وترسيخ أهداف معينة أهمها أن ليبيا منطقة فراغ ولا يوجد بها مؤسسات آو كوادر آو كفاءات
, وذلك لإعادة ترتيبها وفقا لأجندة ما ؟ وألا ماذا يعني تمكين أشخاص لهم عشرات
السنوات خارج البلد ولم يسمع بهم احد لا في مجال تخصصهم ولا في الشأن العام من
أدارة البلد وبهذا الشكل السيئ من خلال هدر أموال الناس بطريقة لصوصيه لا يمكن أن
تخفى على احد, , ألا يدعو هذا الأمر للتساؤل وحتى الريبة ؟
يظل الخطاب الإعلامي السائد اليوم وسدنته
المأجورين كأبواق تعيد صدى صوت أسيادها مالكي هذه الوسائل الإعلامية ومن يمولها , يظل هذا الخطاب وتصريحات الكثير من الشخصيات
العامة اليوم مشككة في قدرات الليبيين الذين ظلوا مع أهلهم في ظروف صعبة ولم
يختاروا النقد من صالونات فنادق الخمس نجوم المدفوعة الآجر بأموال منهوبة من مال
الشعب الليبي آو بأموال حمد بن جاسم وموزته , يظل هذا الأعلام أداة خطيرة في عملية
التظليل بقصد او بدون قصد في التقليل من قدرات الليبيين من خلال الحديث بأنه لا يوجد
إي شي قي ليبيا ,ليس هناك متعلمون وليس
هناك وطنيون وليس هناك كفاءات فقط من
عاشوا بالخارج هم الوحيدون القادرون على أدارة ليبيا الجديدة لأنهم هم الوطنيون
الشرفاء الذين لا تربطهم أي علاقة بمؤسسات المال والمخابرات الدولية وعاشوا من
عصاميتهم ولا يشتغلون في مستشفيات قروية ولا جامعات تجارية بل في أهم المراكز العلمية التي لم يسمع بها
احد ربما من باب استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان , لهذا تم استيراد بعض الناس
من خارج البلد لأدارته ربما كوكلاء لإطراف أخرى
وهم عمليا لا يدرون شي عن البلد
والواقع أمامكم .
السؤال هنا لكل من يقرءا هذه المقالة
من يقوم بتعليم أطفالكم من جعل منهم أطباء ومهندسين ومحامين وطيارين , , من يقوم
بعلاجكم ومن ومن ومن ومن , أليسوا ليبيين
من داخل هذا البلد البسوا أخوتكم وأصدقائكم وجيرانكم وأقاربكم بالرغم من كل الضنك الذي مررنا به ولكننا لم
نستسلم او نترك البلد من اجل غايات أنانية وضمان اجتماعي social security في مكان
ما ؟
لا تعدوا الحملة التي تقودها بعض
الأطراف لتشويه صورة ليبيا والليبيين خلال 40 عاما الماضية تحت اسم نظام ألقذافي
من أن تكون محاولة بائسة ورخيصة لحكم البلد بعناصر مستوردة تحمل جنسيات أخرى أنهم
يمثلون كرازيات ليبيا , لقد كان القذافي
حاكما مستبدا ولكن البلد لم تتوقف عن الحياة بفعل أرادة أبنائها ولن تترك أمرها
لبعض اللصوص والأفاقين الذين يمتلكون الأعلام اليوم.
يقول د حمزة ابو فارس وزير الأوقاف
بان المساجد تحتل من قبل متطرفين وان الإسلاميين
الوسطيين يندحرون أمام هذا المد المتطرف للملالي الجدد ومعظمهم من كانوا بأفغانستان
والعراق وغيرها ...... وهذا شان أخر سنعود إليه ..
د. عامر التواتي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق